قال تعالى: ( أَفَرَأَيْتَ إِنْ مَتَّعْنَاهُمْ سِنِينَ ثُمَّ جَاءَهُمْ مَا كَانُوا يُوعَدُونَ مَا أَغْنَى عَنْهُمْ مَا كَانُوا يُمَتَّعُونَ ) هذه الآية صدعت قلب ميمون ابن مِهران لما ذهب إلى الحسن البصري يلتمس منه الموعظة، فقال له: يا أبا سعيد إني آنست في قلبي غلظه فاستلن لي أي قول لي شيئا يلينه فتلي عليه الحسن هذه الآيات من آخر سورة الشعراء ( أَفَرَأَيْتَ إِنْ مَتَّعْنَاهُمْ سِنِينَ * ثُمَّ جَاءَهُمْ مَا كَانُوا يُوعَدُونَ * مَا أَغْنَى عَنْهُمْ مَا كَانُوا يُمَتَّعُونَ ) فلما سمعها ميمون أُغشِيَ عليه ، فلما أفاق وخرج مع ابنه عمرو ، قال عمرو لأبيه يا أبت أهذا هو الحسن ؟ لم يقل شيئا ، وكان عمرو يتصور أن الحسن سيلقى خطبه عصماء على ما هو مشهور من كلام الحسن البصري الذي قال فيه بعض أهل العلم أن كلامه يشبه كلام الأنبياء، قال عمرو: فضرب أبى صدري بيده ، وقال يا بني لقد تلا عليك آيات لو تدبرتها بقلبك ألفيت لها كلومًا فيه وكلومًا جمع كل كلم وهو الجرح ، أي هذه الآيات لو تدبرتها بقلبك لا تغادر سمعك إلا وقد جرحت هذا القلب لقوتها( أَفَرَأَيْتَ إِنْ مَتَّعْنَاهُمْ سِنِينَ * ثُمَّ جَاءَهُمْ مَا كَانُوا يُوعَدُونَ * مَا أَغْنَى عَنْهُمْ مَا كَانُوا يُمَتَّعُونَ ).
كل حي سيموت ليس في الدنيا ثبــوت
حركاتٌ سوف تفني ثم يتلوها خفــوت
وكلامٌ ليس يحلو بعدَهُ إلا السكـــوت
أيها السادر قل لي أين ذاك الجبــروت
كنت مطبوعًا على النطق فما هذا الصموت
ليت شعري أهمودٌ ما أراه أم قنـــوت
أين أملاكٌ لهم في كل أفقٍ ملكـــوت
زالت التيجانُ عنهم وخلت تلك التخـوت
أصبحت أوطانهم من بعدهم وهي خُبُوت
لا سميعٌ يفقه القولَ ولا حيٌ يصُـــوت
عُمِرت منهم قبورٌ وخلت منهم بيــوت
لم تزُد عنهم نُحوسُ الدهرِ إذ حالت بخوت
إنما الدنيا خيالٌ باطلٌ سوف يفـــوت
ليس للإنسان فيها غير تقوى الله قــوت